قد يتذكر القارئ انني أجريت مقابلة مع قائد فوج الحرمون في أواخر ٢٠١٧ وكان الفوج في ذلك الزمان عبارة عن قوة متمسكة محلية تم تشكيلها في سياق اتفاق المصالحة مع الحكومة السورية في منطقة جبل الشيخ (جبل الحرمون) في ريف دمشق. وكان يضم فوج الحرمون الكثير من المقاتلين الذين كانوا يقاتلون في صفوف الفصائل المسلحة في المنطقة سابقا. وكانت هناك وعود عديدة. وبقي الفوج في المنطقة بعد عودة مناطق بيت جن الى سيطرة الحكومة السورية في بداية ٢٠١٨, الا ان اتفاق المصالحة في تطور قد يصدم القارئ تم الغدر فيه واصبح قائد فوج الحرمون مطلوباً ووصل به الأمر الى انه فر الى تركيا. فاليوم تم حل فوج الحرمون عملياً ولم يعد يكون له وجود حقيقي على الارض. وفي مقابلة حصرية اخبرني قائد فوج الحرمون السابق عن قصة الخيانة وهو معروف باللقب <<خطاب>> ويسكن في تركيا حالياً. تم إجراء هذه المقابلة بتاريخ ١ يوليو عام ٢٠٢٠ ومن اسباب اجراء هذه المقابلة تصحيح بعض الأكاذيب التي ظهرت في الاعلام مثلا الإدعاء بان القائد ومجموعته كانوا مقربين من حزب الله.
اولا بامكانك ان تتكلم اكثر عن دورك الاصلي في المصالحة بمنطقة جبل الشيخ؟
أصلاً أنا قمت بالمصالحة لعدة أسباب أهمها وعلى رأسها خوفاً من تقع مناطقنا بيد الحزب. أخي يعرف القاصي والداني وبأني بشكل مباشر وغير مباشر كنت السبب في مصالحات جبل الشيخ وكان لي الدور الأبرز في إقناع المقاتلين بذلك الأمر. طبعاً كانت لي أهدافي وقناعاتي الخاصة بهذا الأمر لست ممن يميل إلى النظام الحاكم ولكن بنفس الوقت لست ممن يميل للانظام وحالة الفوضى وقد حاربت كثيراً في السنوات الماضية بالرأي والمشورة والنصيحة. أقصد أيام الثورة. أرى يومها عشوائية في القرارات وتسلط وعبثية. وهذا كان مخالف لمنهج الثورة. حاولت التغيير ما استطعت إلى ذلك سبيلا وعندما انعدمت الوسيلة و زاد الضغط والوهن والخوف على المدنيين وهم كانوا شغلي الشاغل وهوسي الدائم وجانبي الضعيف
كان لابد من المصالحة بحثاً عن قليل من التنظيم و كثير من الأمن والأمان ضمن رؤية واضحة وممنهجة وضعتها لنفسي وبلغتها للقادة العسكريين بجانبي ممن صالح معي كان على رأسها عدم التخلي عن السلاح ولو الخفيف على الأقل وحصلت عليه بداية
وكان أيضاً عدم الإنخراط في هذه الحرب الدموية في جانب أي طرف كان والتي نحن نفر منها أصلاً مهمتي حماية حدودي وشرف معشوقتي سوريا حقاً وفعلاً من العدو الصهيوني المجاور لتجمعي والذي كان له نية واضحة بضم مناطقنا
نعم وبنفس الوقت كنت تريد ان تمنع حزب الله مِن السيطرة على المنطقة؟
طبعاً فحزب الله كان يتطلع لاحتلال هذه القرى بحجة تطهيرها وجعلها معسكرات تدريبية له كجنوب لبنان وحاول عدة قادة من قادات الحزب وقتها بجذب ولائي وفوجي لهم بعد المصالحة
اي نعم ممكن تتكلم اكثر عن تشكيل الفوج وارتباطاته وشروط الخدمة والوعود مِن الجهات؟
حصلت على قبول شروطي كاملة: بقاء السلاح بيد المقاتلين تشكيل فوج يضم جميع المقاتلين من كل القرى وبقيادتي
تبع مالياً لجمعية البستان وإدارياً لشعبة المخابرات العسكرية وفكرياً لمنهجي الواضح والصارم. قمت بعمل عدة نقاط عسكرية للفوج وحواجز تحيط بالتجمع كاملاً بالتنسيق مع الأمن العسكري فرع سعسع
لعبت دور الوسيط بين الجيش والثوار من اجل استلامي لأهم نقطة عسكرية في المنطقة وهي الظهر الأسود وكان تحت اشرافي بتوافق الطرفين إلى أن خانت جبهة النصرة الإتفاق واحتلت أحد النقاط فاستلم الجيش الظهر الأسود مني سبقها تحذير شديد مني لقائد الفرقة السابعة و العميد علي محمود قائد قوات ماهر الأسد بأن الظهر الأسود منطقة كبيرة جدا ووعرة ولا يمكنهم السيطرة عليها فلم أجد آذان صاغية وكان هناك الكثير من الضباط وقتها سلمتهم النقاط على مسؤوليتهم واخليت نفسي من المسؤولية وحذرتهم بأن الثوار لن يتخلوا عن هذه النقاط
وفعلاً بنفس اليوم كان هناك هجوم ضخم على الجيش في نقاطه الجديدة طبعاً أنا كفوج لم أكن موجود بطلب من الجيش راح ضحية هذا الأمر ٧٠ عسكرياً وسقوط هذه التلال الاستراتيجية بيد الثوار
هذا كان قبل الحملة على بيت جن؟
طبعاً وبالطبع ضباط بهذه الصفات والمناصب كانت تحت المسؤولية المباشرة وللهروب من المسؤولية أحالوا الأمر علي وبأني خنتهم وقدموا تقارير إلى رئيس الشعبة وماهر وأعلى القيادات. كان رئيس الشعبة وقتها محمد محلا مع العلم إني اجتمعت بهم جميعا وحذرتهم من عواقب الامر حتى أني وضعت لهم خطة بخبرتي العسكرية ومعرفتي بالأرض
خطة إن عملو بها يستطيعوا المحافظة على هذه التلال ولكنهم لم يأخذوا بها ووضعوا خططهم العسكرية الخاصة المضحكة
وكانت نتيجتها ما كان وأحالوا وزر الأمر علي كي يخلوا أنفسهم من المسؤولية
طبعاً ذهبت إلى رئيس الشعبة وشرحت له الأمر ولكن رئيس فرع سعسع وقتها من بيت زهر الدين كان له رأي آخر طبعاً سببها بأنه يريد أن يكسر قوة الفوج الموجود في المنطقة والتي تفوق قوة فرعه وكان يعلم بأنه لن يتم ذلك إلا بإنهائي شخصياً هذا تقريبا كل شيء بالمختصر
يعني بالنهاية ما كان دورك ودور الفوج في استعادة بيت جن؟
اخي كان دوري بشكل عام سلمياً. حيث ان اني استقطبت الكثير من الفصائل التي بقيت هناك تحارب وبالنهاية تجمع بيت جن سقط بعد ان تهاوت مقالتوه ومالوا إلى الصلح وكل هذا كان بجهود الفوج واصلا هذا كان رغبة كنانة حويجة بان يتم الامر بشكل سلمي للتخفيف من الخسائر المادية والتي بدورها ايضا كانت تتخوف من وجود الحزب في المنطقه لا اعلم لماذا.
بعد استعادة بيت جن هل صار مورو قيادياً بالفوج؟
مورو اصبح قيادياً ولكن بشكل رمزي حيث انه لم يبقى معه سلاح سوى انه كان يقبض رواتب لمقاتليه.
وايمتى صرت مطلوباً مرة اخرى بالضبط؟
بعد عدم قدرة الفرع العسكري لتفكيك الفوج اصبح يطلب من الناس الذين لهم أخوة أو أقارب قتلوا في الماضي برفع دعوة قضائية ضدي. علما بأن القاصي والداني حتى ذوي المغدورين يعلمون بأني لا علاقة لي من قريب أو بعيد بهذه القضايا وعلى العكس كنت من أشد المحاربين لهكذا التصرفات.
اي فرع عسكري بالضبط؟ ولماذا كان يحاول تفكيك الفوج?
فرع سعسع: السبب هذا [اي اشار الى ان رئيس فرع سعسع كان يريد ان يفكك الفوج]. صراع على السلطة في المنطقة. اخي الفوج كان به قرابة ٨٠٠ مقاتل بقيادتي. كان له سيط كبير وأيضا تخوف يد منه.
يعني برغم ان الفوج كان تابع لفرع الامني العسكري رسميا حاولوا ان يفككوه
هو كان تابعاً للشعبة وليس للفرع هذا أولاً. ثانياً حتى وإن كان يتبع لهم ولكن أملهم كان أن يفككوه ويسحبو السلاح من أيدي المقاتلين ويأخذوهم إلى الجيش.
وباختصار لم يتم تحقيق اي وعود؟ مِن احتساب عناصر الفوج مِن الخدمة واعطاء رواتب.
اخي كانت كل الوعود تخدير كنت اعلم ذلك انما كنت احاول ان يبقى الفوج مترابطا ومتماسكا لكي نحمي المواطنين في المنطقة من كل الجهات.
نعم فبالنهاية كان عليك ان تفر الى تركيا؟
اصبحت مطلوبا لعدة قضايا لا علاقة لي بها ابدا حتى ان هناك احد القضايا كان هناك هجوم على احد حواجز الفوج من قبل احد الفصائل في التجمع و بامر مني قام الحاجز بالدفاع عن نقطه وقع ضحية هذا الامر قائد الفصيل المهاجم. تصور ان ترفع قضية ضدي بقتل هذا الشخص والمحسوب على الثوار وانا اعتبر قائد فوج اتبع للنظام فاصبحت مطلوباً بسبب هذه القضية. ذهبت الى رئيس فرع سعسع وقتها وطالبته بورقة موجهة الى القضاء المدني يذكر بها صفتي باني قائد الفوج و لا علاقة لي بقتل هذا الشخص الذي كانوا يصفونه بالارهابي وانا كنت اقوم بعملي (طبعاً لم أكن موجود في النقطة كلها أساساً). تصور بانه رفض ان يعطيني هذه الورقة.
فبعد ذلك فررت الى تركيا؟
حاولت ان اصلح الامور ما استطعت وبعد عجزي عن حل هذا الامر و خوفي من خروج الامر عن سيطرتي وحفاظا على العسكريين الذين حولي من عواقب اي امر ممكن ان يحدث بسببي قمت بالفرار الى تركيا.
نعم فهذه هي القصة كلها.
نعم باختصار. المواقف التي حدثت كثيره جدا وشرحها يطول
اي والله. لديك رسالة لمن غدر فيك?
سوريا في قلبي. قاتلت بداية من اجلها وصالحت من اجلها وهاجرت من اجلها. من ظلمني و ادعى علي خوفاً من الأفرع اعذره ومن استقصد ذلك في مصلحة يرجوها أو منصب يتطلع إليه فالله تعالى موجود.
حسب علمك فوج الحرمون لم يعد يكون موجوداً؟
لم يعد يكون له وجود
يعني صار كل العناصر جيش نظامي؟
اخي بعد ان غادرت بشهر تفكك الفوج و ضعف وجاء أمر بسحب السلاح والإلتحاق بالجيش وهذا ما حدث.